والإنظار، لأمور أربعة. أحدها أن الزوج له ملك ناجز حاضر؛ وحق الزوجة مستقبل منتظر. والثاني أن ملك الزوج يزال عن البضع؛ والبضع أنفس من المال؛ بل بينه وبين المال من الرتبة ما بين الدم والمال. والبضع لا مندوحة له من غيرها؛ ولها مندوحة عن ماله إلى ما يفرضه الحاكم ويستدينه لها من مال غيره. والبضع لا يمكن بعد إزالته أو يستدرك بالقضاء. والمال يمكن استدراكه بقضاء ما فات منه. فلا يجوز أن يلحق بالزوج هذا الإضرار العظيم لأجل ضرر يسير في حق الزوجة.
أجاب الحنبلي، ((فقال: أما إنك إذا رجحت بين البضع والمال بهذا، رجحنا بأن الضرر اللاحق بتعذر النفقة يضره بما لا غنى عنه. ولهذا وجب للأقارب والأرحام ومضرة الزوج بما عنه مندوحة، وهو الإبضاع. وذلك لم يجب للأقارب كما لم تجب الزوائد من الشهوات. ولأن الزوج حابس، والزوجة محبوسة، والضرر مزال عنها من جانب الزوج؛ وأبدًا المزال عنه الضرر يقنع في حقه بأيسر ضرر، والمزال ضرره يزال ضرره وإن كثر لحوق الضرر به. بدليل الصائل على المال يدفع ضرره عنه ولو آل إلى النفس. ولا يقال إن من صال لطلب النفس يدفع بالسلاح، ومن صال لطلب المال يدفع بتخريق الثياب وكسر الأسلحة، ولا يدفع بإضرار في النفس، ولا يقف الإضرار بنفسه على إضراره بالنفس. بل لو علم منه القوة ببدن على أخذ بيضة من يد صاحبها ومالكها، ولم