يأثم. ولذلك جاز للمضطر مغالبته على فاضل طعامه ومائه ويأخذه. وإن دافعه عنه، فآل الدفاع إلى نفسه، لم يضمن لمضطر نفس رب الماء والطعام. وإن تعلقت لإسقاط الضمان بحفظ المالك لماله، تعلقت في إيجاب الضمان في منع المضطر من حقه الذي أحاله لله به عليه. ومثل هذا المنع سبب إتلاف النفس. وليس هو بأقل من نفث في عقد وعقد وتر وتسليك إبر، وهو السحر الذي يموت عقيبه؛ ولا بأقل من حفر بئر في طريق هو شرط في هوي الواقع فيها، وثقله علة هبوطه، وخلاء أعماق البئر شرط لذلك، وكان سببًا للضمان. ومن علق الضمان على الأسباب، ولم يجعل منع الماء من الظمآن سببًا صالحًا لإيجاب الضمان، فقد أبعد النجعة وأسقط القياس. ولأن الشافعي قد قال لو حبس إنسانًا في بيت فلم يمكنه من طعام ولا شراب حتى مات أقيد به. فأي فرق بين حبسه عن القوام وبين حبس القوام عنه؟ وأما ما ورددت إليه من المسائل والأصول فلا أسلمه. فإن من كان معه قوى فاضلة يمكنه التخليص بها من الغرق والوقوع، كمن معه أموال فاضلة يستنقذ من العطش وفرط الجوع. فلابد من بذلها للمضطر إليها؛ فإن منعها ضمن. وأما إطفاء الحريق، واستسقاء البساتين، فتلك أموال لا يجب بذل الماء والرفق والسماد لها. والحيوان يجب له البذل؛ ومتى لم يبذل أثم. -والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015