فأثر فيها قبل تأثيرها في الجنين ما حصل من الآلام التي أثرت في أعضائها الشريفة. وهو، في كونه لطيفًا باطنًا، يروي بريها ويعطش بعطشها ويتدنق بتدنقها. ويؤثر ذلك أثرًا ظاهرًا. حتى إنه يسقط غير كامل، قبل أوان خرجوه. وما ذاك إلا لشدة تعدي التدنق والتشوق إلى الرائحة، مثل رائحة البطيخ والسكباج والشواء الحار. وإذا حميت الأم، حمي الجنين. وإذا كان جاريًا من هذا الوجه مجرى الأعضاء الباطنة فيها، ونحن في جناية، أول ما تقع المباشرة بالأم فيها. فكيف يتحقق كون الجنين محلًا للجناية وغاية ما ينتهي إليها إنما هو كالسراية؟ فلا تتحقق العبرة بالجناية على الجنين وأول ما أصابت وباشرت الأم. وهذا فصل حسن يجبر خاطر الحنبلي. وهو من أفقه الفقه. وإذا جرى مجرى الأعضاء كانت العبرة بأصله. فهذا من جهة الحقيقة. ومن حيث الأحكام، سراية العتق منها إليه ومنه إليها في باب الاستيلاد أعتقها ولدها. وإذا ضربها ضارب فماتت، وسقط الجنين ميتًا، فعمهما الموت، يقطع بأن الجناية قد عمت. ومع ذلك لا يختص الجنين عندهم||بضمان. وخالفونا في ذلك. ولا يعتبر بقيمته بالغة ما بلغت، بل ينقص من قيمته عندهم. ولنا ما يعتبر بنفسه في باب تقويمه عند إتلافه ينقص ويحط من قيمته إلى بعضها. ولنا ما يعتبر بغيره فيحط من قيمة ذلك الغير، وهي الأعضاء.
قال الحنفي: هو نفس قائم بذاته. بدليل ضمانه بالكفارة، وكونه