قال: لأن القتل تعلق به حق الآدمي، وما خلا من استيفاء من جانب المكره، وبقي حق الله؛ فإذا لم نؤثم القاتل، أخللنا بحقه.
قالوا له: فكما جعلت المكره مستحقًا للقتل من حيث إنه القاتل حكمًا، وإن المباشر كالآلة، كان يجب أن تعود بإلحاق المأثم على من أوجبت عليه القود، دون من جعلته كالآلة، وتجعل حق الله - سبحانه وتعالى- وحق الآدمي جميعًا واجبين على من نشأ سبب القتل منه وهو المكره. ومباشرة، هو آلة فيها، لا يجوز أن يصرف حق الله - سبحانه وتعالى- إليها. وحق الله لا يثبت إلا في محل تم السبب فيه لإيجاب الحكم. ألا ترى أن حقوق الآدمي تجب مع الجنون والصغر والنوم، وحق الله - سبحانه وتعالى- يسقط في مثل هذه الأحوال؟ فإذا جعلنا المباشر كالآلة لحق الآدمي، بحيث لا يخاطب به، فأولى أن يكون كالآلة في حق الله - سبحانه وتعالى- الذي يسقط بالشبهة.
358 - قال بعض الفقهاء: ما أكثر ما أدخل المفسرون في النسخ ما ليس منه! كقولهم: (اتقوا الله حق تقاته). قالوا: نسخت بقوله: (فاتقوا الله ما استطعتم). وقوله، لما عظم ذلك عليهم، لما قال: (حق تقاته)، فكان نسخًا. والعلماء من الفقهاء والأصوليين أنكروا ذلك إنكارًا شديدًا وقالوا: مهما أمكن أن يكون تفسيرًا فلا يجعل نسخًا، وقد أمكن أن يكون القوم ظنوا أن (حق تقاته) يزيد على ما يدخل تحت استطاعتهم، حيث سألوه