من بني تميم ليلاً. فبينا هو يسير، ومعه مولى يقال له زيد، إذ سمع صهيل البسام، فرس الزبير. فقال له مولاه: أشهد بالله أنه لصهيل البسام! وكان ابن جرموز قد أخذه؛ فقال له ابن الزبير: ويحك! والله إنه لصهيل الأشقر. والله لا أرجع الليلة حتى آخذه، أو تعيقني دونه? العوائق! فقال له مولاه: أذكرك الله لما إن تركته وانطلقت بنا فإني أخاف أن تقتل. والله ما نجوت من الموت إلا بما بقي من أجلك، وقد عاينته عياناً. فقال عبد الله لمولاه: اثبت لي مكانك، ويحك، ما بينك وبين نصف الليل. فإن جئتك فسبيل ذلك، وإلا فانطلق وانعني إلى أسماء. ثم ترجل واشتمل سيفه وصمد لصوت الفرس. فعرض له رجل من الحي في جنح الليل حتى انتهى إلى الفرس. فضربه ابن الزبير فقتله، وأخذ الفرس من رباطه، فجاء به يقوده حتى انتهى إلى مولاه، فانطلقا جميعاً. فقال ابن الزبير رضه في ذاك:
يذكرني الزبير صهيل طرفٍ ... تناوله ابن جرموز بغدر
فقلت لصاحبي أرود قليلاً ... لأقضي حاجتي ووفاء نذري
فإن أرجع فذاك رجوع جنحي ... وإلا فانعني أو بح بسري
فجئت أقوده والنجم عالٍ ... وما هي من أبي بكرٍ بنكر
وقد كان الزبير فتى معدٍّ ... إذا فزعوا وفارس حي فهر
وأجودهم على العلات كفاًّ ... وأعودهم على عسرٍ بيسر