الموجب للقتل الحراب والفساد في الأرض. وذلك بعينه إذا وجد في حق المسلمين، وجب القتال لهم والقتل. ولو انحطت عن هذه الرتبة إلى مرتبة أخرى، وهو أن الكفر أوجب، لكن في قوة الذمة ما يعصم عصمة ويحقن حقنًا، فوجب قتل القاتل الذمي وإن كان مسلمًا؛ إذ كانت تحقن الذميين مع قيام الكفر. والإسلام لا يحقن إلا مع زوال الكفر ((عندك، على ما ذكرت. ولأن الذمة كما عصمت المال عصمت الدم؛ وكما عصمت الدم عصمت المال. لكن عصمة المال إنما كانت لأجل احترام المال بمالكه، لا لحرمته في نفسه. فإذا بلغ الحق للمال الغاية، وهو إيجاب قطع يد المسلم بسرقته، فأولى أن يبلغ حقن النفوس الغاية في حقنها بقتل المسلم بقتله. فالطرق للمال كالنفس للنفس.
أجاب المستدل بأن قال: إن الله - سبحانه وتعالى- علق القتل بوصف الشرك. فالظاهر أنه علة له. فقال: (اقتلوا المشركين) وقال [صلعم]: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.)) والغاية تدل على أن ما قبلها بخلافه. فلما قال ((فإذا قالوها عصموا مني دماءهم)) دل على أن إراقة دمائهم كانت للجحد بها. ولأن الفساد والحراب الذي تشير إليه هو نتيجة الكفر، والكفر أصله وموجبه. وأبدًا إنما يعلق الحكم على الأصل والناتج والمؤثر؛ كالحد يعلق على الشرب الذي هو المثير للمفسدة والعربدة،