ترى أن المدفوع على مال إنسان أو نفسه لا يلام على ما يجنيه بنفسه، حيث صار كالآلة لدافعه؟
قال المالكي: أما الإكراه فإنه يقصر قصد المقاصد، ويجعله كأنه يقول حاكيًا ما يقول له المكره. ويكفي في نفي الوقوع قصور القصد، لا سلبه رأسًا. كما نقول في قصد الصبي والمجنون؛ فإن له قصدًا في اللفظ، بحيث إذا تلفظ بالبيع صح، وتكون مشارفة الولي لإلزامه. ولا يكفي ذلك القصد القصير الضعيف لإيقاع الطلاق، مع كونه قصد اللفظ.
قال الحنفي: أما أن تعول على عدم القصد، فلا يصح لك، لما قدمنا لك من الكلام. وإن قلت بقاصر القصد، فلا يطلب لوقوع الطلاق كمال القصد، ويكفيه القصد القاصر؛ بدليل الهازل. وإن غلبت فعل المكره كما غلبت في باب الإكراه على إتلاف المال، فاجعل للافظ آلة. ولا يصح لك ذلك؛ لأن لسان القائل لا يجوز أن يكون آلة وأداة للمكره بأن يدفعه على أواني زجاج فيكسرها. فلا جرم، لما كان كذلك، [أن] يقرر ضمان المال على المكره دون المكره.
قال المالكي: ((في باب المال يكفي القصد القاصر، بدليل إتلاف الصبي. ويكفي عدم القصد، بدليل النائم. وفي مسألتنا لا ينفذ إلا من قاصد تام القصد؛ وهذا ناقص القصد. وأما الإكراه على إتلاف المال، فإن المغلب المكره. فهو كالدافع مع الحافر.