اعترض عليه حنبلي بالمنع، ثم قال له: ومع دعواك أنه أهل، فاذكر خصيصة الأهلية؛ وإلا فأنت على مجرد دعوى.
قال الحنفي: الدلالة على أهلية الشهادة فيه قوله تع: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}. والأمر بالتثبت دلالة || على أنه أهل. إذ لو لم يك أهلاً، لقال ((فردوا ولا تقبلوا)) كما قال في القذف: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم [ثمانين جلدة] ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً}. فلما قال ههنا {تبينوا} دل على أن الفاسق أهل للشهادة. وإنما أمر بالتثبت لمكان الشبهة بالتهمة. وذلك لأن الفسق لا يوجب قطعاً بكذب الفاسق. لكن يتردد الأمر في قوله. فذلك أوجب التثبت والتوقف، وليس ذلك إسماً للرد بحال.
قال الحنبلي: أما الآية، فإن لم تكن حجة لنا، فلا وجه لكونها حجة لكم. لأن التثبت ورد في الخبر؛ لأن النبأ الخبر. والفاسق لا خلاف أنه يزدجره، فما يقول بها فيما وردت فيه. ثم قوله: {فتبينوا}؛ وذلك لا يخلوا أن يكون لبيان الأمر من الفاسق، فلا أحد يقول به، أو من غيره، فلا يكون ذلك إلا إلغاء لقوله. وقوله {أن تصيبوا قوماً بجالة}؛ فسمى العمل بخبره، إن عمل به، جهالة. وما كان العمل به جهالة، لا يكون صاحبه أهلاً لذلك العمل.
وقال الحنبلي: معلوم أن لنا من نبحث عنه ويجب علينا [أن] نتبين أمره؛ وهو المستور، إذا شهد في الحدود والقصاص عندنا جميعاً،