أن النكاح عقد معاملة. فيكون الاشتغال بالعبادة أفضل من الاشتغال به في الأصل، قياسا على عقود التجارات وسائر المعاملات. لأن المعاملات شرعت لنا، والعبادات شرعت لله تع. والدليل على أن النكاح معاملة أنه مشروع صحيح من الكافر والمسلم. والعبادات لا تتأدى من الكافر. ولأن النكاح عقد شرع لقضاء|| الشهوة، فيكون الاشتغال بالصلاة أولى منه، قياسا على الأكل والزراعة ونحوها. وهذا لأن اقتضاء الشهوة عمل بهوى النفس، والعبادة عمل بطاعة الله. وما بعث الأنبياء إلا بخلاف هوى النفس، والدعوة إلى الطاعة. وهوى النفس حرام، وما أبيح منه إلا ما كان قواما لطاعة الله تع. إلا أنه إذا تاقت نفسه إلى النساء، جعلنا النكاح أفضل، اغتناء عن الزنا بالحلال. فإن ترك الزنا وجميع المعاصي فريضة، والاحتزاز عنها واجب، فيكون أولى من نفل العبادات. وهذا كما إذا اضطر إلى الأكل افترض عليه، وإذا زاد في مرضه كان الفطر أولى. وهذا كمن خاف السؤال لو لم يكتسب، فيكون الكسب أولى من نفل الصلاة.
ولعلمائنا ما روي عن أم حبيبة أنها قالت: سمعت رسول الله تع يقول: من كان على ديني ودين داود وسليمان وإبراهيم فليتزوج؛ فإن لم يجد إليه سبيلا، فليجاهد في سبيل الله. وروى هذا الحديث ابن [أم] حبيبة. فجعل النكاح من الدين؛ وجعله مقدما من الجهاد، وقال صلعم: النكاح سنتي؛ فمن رغب عن سنتي، فليس مني. فجعله سنة مطلقة. والخصم يجعله سنة إذا تاقت نفسه. ولأنه جعله سنة بوعيده عن الرغبة