اعتبارهم أن تهتدي بحسن الطلب؛ فلابد أن يهجم بك على حقيقة المطلب. لأن من أنصف، وقف على الغرض؛ ومن سامح النظر، أو سامح نفسه أو غيره في النظر، لم تلح له حقيقة الأمر والخبر. إن كانت هذه الكليات تتعاظم بالقوة القسرية والعظم الذاتي عليك، فقد عظم شأنك عليها بما أودعته من العقل الحاكم عليها، حتى تسلطت عليها من حيث تسلطت. حبست الرياح والمياه عن جريها بحيلك، وسخنت البارد وبردت المسخن، وسكنت المتحرك وحركت الساكن، وعليت المتقاصر وقصرت المتعالي، وسقت الرياح والمياه والنيران والأراضي سياقة المستخدم لها فخدمتك. فإن جاز أن يكون لك آلهة من حيث قهرها ما منك من العقل فانطاعت لك. فإذا كان الأمر كذا فيك وفيها، فاطلب لنفسك ولها صانعا يتسلط عليك وعليها بالبناء والهدم، والتفريق والجمع؛ وأعلم أن ما شابهك من وجه، شاركك من ذلك الوجه.
يا مجموعا من هذه الكليات! انظر إليك وإليها، وانتقد ما فيك، هل فات شيء منها؟ فيا مجموع تربة وماء، وحرارة وهواء! كيف يعبد الشيء نفسه؟ وجب- والله- عليك بحكم الانتقاد، وأنك مجموع هذه الشداد، إن طالبتك بلسان الشبهة أن تسجد لها وتصرف العبادة نحوها، أن تطلب منها العبادة لك بما زدت به عليها من جوهر العقل القاضي عليها. فإذا تكافيتما في الذوات، وزدت عليها بالحكمة المودعة فيك التي تقضي [على] هذه الموجودات ولا يقضي عليها شيء منها طلبت، إذا كان ولا