قال الحنفي: قد تطلب في أوصاف السلم ما لا نطلب في الرؤية. بدليل أن الرؤية لا تدرك من الرمان والبطيخ حلاوة وحموضة، ولا من الجوز بقشرة صحة وزنوخة. ولا من الجوهر في حق الناظر، وليس من أهل الصناعة، ما يدركه أهل الخبرة. ثم العقد صحيح في بيوع الأعيان بالرؤية ولازم عندنا. ومع ذلك لا يصح السلم على وجه يجهل فيه ما جهله مع العيان. ولأنه قد صح بيع اللؤلؤ بالعيان وما صح السلم فيها وإن كان وصف المعترف أولى من نظر غير المعترف. ويصح بيع اللؤلؤ من غير الخبير بصفاته المعترف أولى من نظر غير المعترف. ويصح بيع اللؤلؤ من غير الخبير بصفاته وجوهره، ولا يصح السلم فيه لتقصير الواصف عن مقصوده.
قال الحنبلي: ||أما اللؤلؤ فإنه قل من يشتريه إلا البطرين الطالبين لزوائد العيش؛ بخلاف الحيوان، فإن الحاجة إليه داعية.
قيل: فيجب أن لا يصحح العقد عليه، لقلة حاجة الناس إليه، إلا ممن يخبر جواهر.
307 - فصل
ما علم من سافر ورأى عجائب البحار واتساعها، وعواصف الرياح وشدة هبوبها وجريانها، وشوامخ الجبال وعظم علوها وتصاعدها في أجوائها، وعمق الأودية وأسفالها، وشدة جري السيول إليها، واكفهار البراري وتضوح قيعانها، وصعود السحاب وانتشاره في أعالي الأجواء وظلمتها به وانطباقها،