الذئب وأنتم عنه غافلون} أخرجه وما يحدث نفسه بالرجوع. وقال في الأخير: {بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل}. فكيف إذا رأى الناس هدم البنية وبشاعة النقلة مع تقطيع الأوصال والتلاشي والانهدام؟ فمن ههنا كثرت شبهتهم في البعث.
فينبغي أن يعالج هذا الشك بترك النظر إلى التحلل وفساد المادة، وينظر إلى قوة الفاعل وما صنعه في المبدأ، كيف دفع إلينا صورا محبوبة من تراب بحكم النظر الفكري، ومن نطفة وعلقة بحكم النظر الحسي. فمن أهدى لنا من نطف أولادا قرة أعين قادر أن يرد علينا من رمم قرة أعين؛ بل الرجعة أولى، لأن الكريم تبرع بالهبات؛ فأما الرجعة فوعدا عليه حقا، كما قال: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعملون}.
فينبغي للعاقل إذا غلب عليه الإياس من الرجعة، أو خامره فيها شك، أن يفزع من مطالعة البنية المهدومة إلى القوة البانية لها في أول وهلة، ويستحضر المني المستحيل في الرحم وينظر حاله. فإذا رأى استبعاد تصويره، نظر إلى بنية الأطفال من ذلك الماء الذي كاد أن يظن أن تصويره محال. فإذا رأى تسلط القدرة على البدأة، سهل عليه الإيمان بالرجعة. والله أعلم بدواء كل شبهة.
سبحان {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} - {أعطى كل شيء خلقه}، أقام الصورة والبنية. ثم أخطر بالبال عند الكمال السبب في الإيجاد تطلب المصور الخالق، فوجده بآثار الصنعة. فهدايته تقويم،