قال أصولي: مقتضيات الأمر مع عدم القرائن الصارفة له عن مقتضاه معروفة، قد أجمعنا عليها؛ كالتهديد والتعجيز والتكوين. فمن ادعى أن تقدم صيغة النهي عليها قرينة صارفة لها، فعليه الدليل.
وجرى فيها أيضًا أن قال: صيغة الحظر النهي، وصيغة الإيجاب الأمر. فإن جاز أن يدعى أن تقدم الحظر على صيغة الأمر يخرجها عن المقتضى الذي أجمعنا عليه، جاز أن يدعى أن تأخير الأمر عن صيغة النهي يخرجها عن مقتضاها، ويكون على التنزيه. وإذا تكافيا في كون كل واحدة على مقتضى في أصل الوضع مع الإطلاق، ولم يجعل كون الأمر بعد الحظر قرينة صارفة للنهي عن مقتضاه، كذلك لا يكون تأخير الأمر عن لفظ الحظر صارفًا عن مقتضاه. يوضح ذلك أن المتأخرة تقضي على المتقدمة؛ كالنسخ والتخصيص والاستثناء وغير ذلك. فإذا لم يكن ورود لفظة الأمر بعد الحظر تنبئ بها أن لفظة النهي لم تكن على الحظر، كذلك لا يكون تقدم لفظ الحظر على صيغة الأمر مخرج لها عن وضعها.
وجرى فيها أن قال من خالف هذا ودل على أنها تقتضي الإباحة،