فقال الحنفي: الدليل على أن الذل إنما هو الدوام، لا نفس الملك، أن شرف الأبوة لم يمنع تملك الابن لأبيه؛ ولكن منع من دوامه، بحيث أنه حكم الشرع بملكه له، وزوال ملكه عقيب تملكه.
قال الحنبلي: ذلك شراء موضوع للعتق، لا للإذلال؛ فهو يخرجه به من الذل.
قال له الحنفي: هذا نفس إلزامي. لأنه إذا كان شراء الأب صحيحاً، ولا يملك الدوام، علم أن الملك نفسه ليس بذل. وإنما صار ليس بذل لأنه لا يدوم. ومعنى قولك إنه عتق، وإنه وضع للعتق، بمعنى أنه ملك وضع على وجه لا يدوم، فانتفى عنه الذل لعدم الدوام.
قال الحنبلي: لا بل لأنه يعتق، وعندك هنا يباع.
قال الحنفي: فالبيع لا يمنع منه عندك في حق الكافر للعبد المسلم؛ بل يجوز عندك. فهو كعتق الأب عقيب الملك.
قال الحنفي: ولأنك قد قررت أن نفس التملك ذل، فكيف يذل أباه وهو لحظة؟ بل لا يجوز أن يذله لحظة، ولو أعزه بها أبداً، ولو أفضت إلى عز الأبد. ألا ترى أنه لو كان أبوه عبداً لرجل فقال السيد ((إن صفعت أباك عبدي فهو حر)) فإنه لا يحل للابن أن يصفع أباه ليعتق