وفعل العبد مستحق به الجزاء؛ فالفعل يوجب الجزاء بمعنى أنه يستحق به. وفعل الله سح أوجبه بمعنى فعله وخلقه وأصار إليه. فالباري موجب من حيث أنه فاعل؛ والعبد مستوجب من حيث أنهاستحق من الله العقاب وسائر الأجزية.
إن جاء الحكماء بما واطأ العقل، كقول القائل منهم للتلاميذ استثارة للرحمة والرأفة: ((يا هؤلاء! لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان! ألا تستحون؟ هذا الحيوان البهيم أسير في أيديكم، يحب الحياةكما تحبون، ويؤلمه من الحديد والحجر والخشب ما منه تألمون، وأنتم عليه متسلطون! )) فقد قابل ذلك ما جاءت به الرسل مما أبهر العقل من الأمور الخارقة. وليس حكمة المخلوق بأكثر من حكمة الخالق. والحكيم سح قد آلم الحيوان البهيم ولم يطعن ذلك عند الحكماء في حكمته. فتشريعه لإيلام الحيوان لا يكون طاعنًا في حكمته؛ لأن التعليلي لإماتة الحيوان بحكمة إما ظاهرة أو باطنة؛ وكذلك تشريع ذبحه. فإذا لم يطعن في الحكمة عندكم إماتة الحيوان يفعله، لم يطعن في الشرع عندنا تشريع قتل الحيوان وذبحه.