فأجاب الشافعي بأن القضايا لا تدل على الحكم؛ بل يكون مددها لمن ذهب إليها، وليس بحجة علي. إذ كل مجتهد يجوز عليه الخطأ. والخبر يدل على توفير الضوء، لا على أن لها حكم العينين. وتقوية الغرض لا يوجب كمال العوض؛ كقوة اليمنى على اليسرى. وكل جارحتين، إذا زالت إحداهما، توفرت القوة، وذهبت الأغذية إلى الأخرى؛ كما إذا كثرت أغصان الشجرة وأعذاق الشجرة وأعذاق النخلة، تمحق الطعم فيها. ولذلك يقلل ويخفف بإزالة بعضها، ليتوفر الماء والسماد على الباقي. وذلك لا يعطي أن يكون لها حكم العينين؛ كما لا يعطى يدًا قوية حكم اليدين. ولأن الغرض الأكبر قد اختل، وهو حراسة الجانب الذي كانت فيه. ولو كان الغرض يوفي الضوء في الوضع لخلق ذلك في غير واحدة. وإنما جعلها عينين لحكمة واضحة وهي أن ينظر من جهتين فيحرس الجانبان بهما. والذي يتضح به هذا ما يحدث من الاختلال بذهاب إحداهما من اختلال رعي السوائم وحراسة الجانب. فإن الأعور يصاب كثيرًا من الجانب الذي انطفأ سراجه وذهب ضوؤه. فالتوفر لو صح لما نفع لما اختل به تعطل إحدى الجانبين من التصرف به والانتفاع بكونه.