المؤرب، فعلى هذا قد فصل بينهما بالأجنبي منهما، وذلك أن قولنا أناخا فشداك اعتراض، وحين يسعى المرء متعلق به، فقد فصل بينهما بما هو أجنبي من المبتدأ والخبر.
فإن قلت: إن الفصل بالظرف لا ينزل منزلة كانت زيداً الحمى تأخذ؛ لأن الظرف قد استجيز فيه من الاتساع [في الفصل] ما لم يستجز في غيره، ألا ترى أنه قد جاء:
فلا تلحني فيها فإنَّ بحبِّها ... أخاكَ مصابُ القلبِ جمٌّ بلابلهْ
ففصل بقوله: بحبها بين إن واسمها، ولو كان مكان الظرف غيره لم يجز ذلك، ولم يحمل النحويين الظرف في ذلك على: كانت زيداً الحمى تأخذ.
فالقول أن قوله: حين يسعى المرء مسعاه أهله ليس كقوله: بحبها، في قوله: فإن بحبها، ألا ترى بحبها متعلق بمصاب، كأنه قال: فإن أخاك مصابُ القلب بحبها، فالظرف متعلق بالخبر، كما أن زيداً متعلق بالخبر، الذي هو تأخذ.
وقوله: حين يسعى المرء مسعاة أهله ليس بمتعلق بالخبر، الذي هو العقال المؤرب، إنما يتعلق بالاعتراض الموقع بين المبتدأ وخبره، فهو إذاً أجنبي منهما.
ويجوز أن تجعل قوله: أنا فشداك خبر المبتدأ، الذي هو قوله: هما، فإذا جعلته كذلك، لم يكن فصلاً بالأجنبي، ولكنه مثل: زيد في الدار قام، وزيد عمراً ضرب.
فإن قلت: فكيف يكون قوله: العقال المؤرب على هذا؟
فالجواب: انه يكون بدلاً من ضمير التثنية في أناخا، ولا يمتنع وإن كان