وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} 1 الآية.
..................................................................................................
شَهِيدٌ} 2. فمن تدبر هذه الآيات تبين له معنى لا إله إلا الله، وتبين له التوحيد الذي جحده أكثر من يدعي العلم في هذه القرون وما قبلها من متأخري هذه الأمة، وقد عمت البلوى بالجهل به بعد القرون الثلاثة لما وقع الغلو في قبور أهل البيت وغيرهم، وبنيت عليها المساجد، وبنيت لهم المشاهد، فاتسع الأمر وعظمت الفتنة في الشرك المنافي للتوحيد لما حدث الغلو في الأموات وتعظيمهم بالعبادة، فبهذه الأمور التي وقع فيها الأكثر عاد المعروف منكرا والمنكر معروفا، والبدعة سنة والسنة بدعة، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، وقد قال صلي الله عليه وسلم: " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس " 3 وفي رواية "يصلحون ما أفسد الناس ".
قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} 4 الآية. الأنداد: الأمثال والنظراء كما قال العماد بن كثير وغيره من المفسرين. فكل من صرف من العبادة شيئا لغير الله رغبة إليه أو رهبة منه فقد اتخذه ندا لله؛ لأنه أشرك مع الله فيما لا يستحقه غيره. قال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى -: فتوحيد المحبوب أن لا يتعدد محبوبه أي مع الله بعبادته له، وتوحيد الحب لا يبقي في قلبه بقية حب حتى يبذلها له، فهذا الحب وإن سمي عشقا فهو في غاية صلاح العبد ونعيمه وقرة عينة، وليس لقلبه صلاح ولا نعيم إلا بأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن لا تكون محبته لغير الله فلا يحب إلا الله كما في الحديث الصحيح: "ثلاث من كن فيه" الحديث5.
ومحبة رسوله هي من محبته، ومحبة المرء إن كانت لله فهي من محبته، وإن كانت لغير الله فهي منقصة لمحبة الله مضعفة لها، ويصدق هذه المحبة بأن تكون كراهته لأبغض الأشياء إلى محبوبه، وهو