يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ".
وفي رواية: " لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر "1.
فيه مسائل:
الأولى: النهي عن سب الدهر.
الثانية: تسميته أذى لله.
..................................................................................................
يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ". وفي رواية: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر "قال في شرح السنة: حديث متفق على صحته أخرجاه من طريق معمر من أوجه عن أبي هريرة قال: "ومعناه أن العرب كانت من شأنها ذم الدهر وسبه عند النوازل؛ لأنهم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر، فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد سبوا فاعلها، فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل، إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يصفونها فنهوا عن سب الدهر"، انتهى باختصار. ونسبة الفعل إلى الدهر ومسبته كثيرة في أشعار المولدين كابن المعتز والمتنبي وغيرهما، وليس منه وصف السنين بالشدة لقوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ} 2 الآية. قال بعض الشعراء:
إن الليالي من الزمان مهولة ... تطوى وتنشر بينها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار
وقال أبو تمام:
أعوام وصل كاد ينسى طيبها ... ذكر النوى فكأنها أيام
ثم انبرت أيام هجر أعقبت ... نحوي أسى فكأنها أعوام
ثم انقضت تلك السنون وأهلها ... فكأنها وكأنهم أحلام