و"لهما" عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إن من البيان لسحرا " 1.

............................................................................................................

" هي النميمة " فأطلق عليها العضة؛ لأن النمام يعمل عمل الساحر. وذكر ابن عبد البر عن يحيى بن أبي كثير قال: "يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة". وقال أبو الخطاب في عيون المسائل: "ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس". قال ابن حزم: "واتفقوا على تحريم الغيبة والنميمة في غير النصيحة الواجبة". وفيه دليل على أنها من الكبائر.

قوله: "القالة بين الناس " ومنه الحديث: " ففشت القالة بين الناس " أي كثرة القول وإيقاع الخصومة.

قوله: "ولهما عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " إن من البيان لسحرا "2 "

البيان الفصاحة والبلاغة. قال ابن عبد البر: تأوله طائفة على الذم؛ لأن السحر مذموم. وذهب أكثر أهل العلم وجماعة أهل الأدب إلى أنه على المدح؛ لأن الله تعالى مدح البيان، قال: وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله تعالى - لرجل سأله عن حاجة فأحسن المسألة فأعجبه قوله: " هذا والله السحر الحلال "انتهى، والأول أصح، والمراد به البيان الذي فيه تمويه على السامع وتلبيس كما قال بعضهم.

في زخرف القول تزيين لباطله ... والحق قد يعتريه سوء تعبير

مأخوذ من قول الآخر:

تقول هذا مجاج النحل تمدحه ... وإن تشا قلت ذا قيء الزنانير

مدحا وذما وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير

قوله: " إن من البيان لسحرا "هذا من التشبيه البليغ؛ لكون ذلك يعمل عمل السحر فيجعل الحق في قالب الباطل والباطل في قالب الحق. فيستميل به قلوب الجهال حتى يقبل الباطل وينكر الحق. وأما البيان الذي يوضح الحق ويقرره، ويبطل الباطل ويبينه، فهذا هو الممدوح، وهكذا حال الرسل وأتباعهم ولهذا علت مراتبهم في الفضائل وعظمت حسناتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015