المبحث الأول: قَول ملاحدة الفلاسفة

الفلاسفة اليونان الوثنيون الَّذين كَانُوا قبل الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام بِأَكْثَرَ من سِتّمائَة عَام1 قد بحثوا فِي أصل الْعَالم ومصدر وجوده، فَمنهمْ من أثبت وجودا لموجود أَعلَى يعزى إِلَيْهِ عِلّة وجود الْعَالم، وَمِنْهُم من أنكر ذَلِك، وَزعم أَن وجود الْعَالم أزلي، وَلم يعزه إِلَى موجد أوجده، وَهَؤُلَاء هم الْمَلَاحِدَة المنكرون لوُجُود الله تبَارك وَتَعَالَى، وهم على قَوْلَيْنِ فِي أصل الْعَالم ومصدره:

القَوْل الأول: الْقَائِلُونَ بِأَن أصل الْعَالم مادي.

أَصْحَاب هَذَا القَوْل زَعَمُوا أَن أصل هَذَا الْعَالم نوع أَو أَنْوَاع من الْمَادَّة، وأنكروا أَن يكون ثمَّ خَالق، وَإِنَّمَا الْمَادَّة هِيَ أصل الْعَالم.

وَهِي عِنْد متقدميهم أَصْحَاب الْمدرسَة الأيونية2 إِمَّا المَاء، وَهُوَ قَول طاليس3 أَو عنصران هما الْهَوَاء وَالْمَاء، أَو اللامحدود، كَمَا هُوَ قَول انكسمندريس4، أَو الْهَوَاء كَمَا هُوَ قَول انكسمانس5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015