الله عز وَجل بِلَا كَيفَ، كَمَا سبق أَن ذكرنَا ذَلِك عَن العديد مِنْهُم، وكما هُوَ مَشْهُور عَن الإِمَام مَالك 1رَحمَه الله لما جَاءَهُ رجل فَقَالَ: الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى كَيفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: " الكيف غير مَعْقُول، الاسْتوَاء مِنْهُ غير مَجْهُول، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب، وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة "2.
وَعَن شَيْخه ربيعَة3 أَنه قَالَ: " الاسْتوَاء غير مَجْهُول والكيف غير مَعْقُول وَمن الله الرسَالَة وعَلى الرَّسُول الْبَلَاغ وعلينا التَّصْدِيق"4. فَذَهَبت هَذِه المقولة أصلا من أصُول أهل السّنة وَهِي أَن الاسْتوَاء مَعْلُوم معنى، لِأَن الاسْتوَاء فِي اللُّغَة: الْعُلُوّ والارتفاع5.
أما كَيْفيَّة اسْتِوَاء الْخَالِق على الْعَرْش فَهِيَ مَجْهُولَة وَلَا نعقل كَيفَ يكون ذَلِك، وَالْإِيمَان بالاستواء وَاجِب شرعا لوُرُود النُّصُوص العديدة بِهِ.
وَعدم الْعلم بكيفية الصِّفَات لَا يَنْفِي الصِّفَات وَلَا يقْدَح فِي الْإِيمَان بهَا وإثباتها. لِأَن الله عز وَجل أخبرنَا بِالصّفةِ وَلم يخبرنا بالكيفية وَطلب منا الْإِيمَان بهَا وَلَا تنَافِي فِي ذَلِك، فَإِن هُنَاكَ أَشْيَاء عديدة نؤمن بهَا من مخلوقات الله وَنحن لَا نَعْرِف