بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد
فإن مما أكرمني به ربي أن حظيت بخدمة شرح الجلال السيوطي على جامع الترمذي -وهو حلقة في سلسلة شروحاته على دواوين السنة- ليكون نسبنا موصولاً بؤلائك العلماء الراسخين، فنحيا بإحياء تراثهم ونزداد رقياً.
وبعد الدراسة تبين أن منهج المصنف في شرحه يتلخص كالتالي:
أولاً: رام الشارح الاختصار فيما يأتيه من أحاديث سواء في سرد ألفاظها: بحيث لا يذكر إلا محل الشاهد فقط، أو في بيان معانيها: بأن كان اللفظ غريباً -مثلاً- أزال غرابته بما استحسن من معاجم اللغة وشروح الحديث، وغالباً ما يكتفي " بالنهاية " لابن الأثير؛ لما له من قبول واسع عند العلماء.
أو كان ذا نكتة حديثية، كاختلاف الروايات في نص بين وصله وإرساله، أو رفعه أو وقفه، وما تحمله من علل، فإنه يشير إلى كل ذلك بما لا يثقل على الطالب المبتدي، ناقلاً أقوال الحفاظ وأئمة النقد في المسألة، وكثيراً ما تسكن نفسه إلى تحقيق ابن سيد الناس، والحافظ العراقي، وابن العربي؛ لأنهم شرحوا جامع الترمذي بقدر ما تيسر لكل واحد؛ ولأنهم أهل صناعة في الحديث.
كما أنه يدلي برأيه في بعض المواطن ليحسم مادة النزاع في المسألة، كيف لا وهو إمام أهل زمانه في الحديث.
قل مثل ذلك في نكاته النحوية والبلاغية مما يراه جديراً بالتنبيه، لكن ببسط قليل.
ثانياً: لم يشرح الإمام السيوطي جميع سنن الترمذي، وإنما ينتقي منها ما يستبط منه فائدة، لا يزيد عنها. ثالثاً: أولى الشارح عناية ظاهرة بأفراد الإمام الترمذي، أي الذين لم يرو لهم الترمذي إلا حديثاً واحداً، ولا يخفى ما في هذا من فائدة عند أهل العلم.
أما عملي في الكتاب فهو كالآتي: -
أولاً: عثرت -بعد البحث- على إحدى عشرة مخطوطة لشرح الجلال، اصطفيت منها ثلاثاً: التيمورية ورمزت لها بـ (ت) ، ونسخة من كوبرلي في استانبول ورمزت لها بـ (كـ) ، ونسخة من اليمن من مكتبة شيئون وهي محفوظة في دار "عارف حكمت" بالمدينة المنورة. ورمزت لها بـ (ش) .
ثانياً: عزوت الآيات القرآنية إلى سورها.
ثالثاً: خرجت الأحاديث البالغة "1121" من الكتب التسعة، مع ذكر كل حديث بتمامه في الهامش.
رابعاً: ترجمت للأعلام، ورواة الحديث من كتب التراجم المعتمدة.
خامساً: عزوت كل قول إلى صاحبه بقدر ما يخدم الرسالة لا أزيد.
سادساً: سجلت بعض الملاحظات -كالتعليق- على هامش البحث، أرجو بذلك الإصلاح لا غير.
سابعاً: ألحقت في الأخير فهارس للآيات والأحاديث والتراجم والمواضيع وغيرها؛ مما هو من صميم المنهج العلمي في تحقيق الرسائل.
وبهذا أكون قد استوفيت فضل الله علي فلله الحمد أولاً وآخراً، ثم إلى جامعة أم القرى -هذه القلعة المباركة- ممثلة في إدارتها الرشيدة وعلمائها الأفاضل. والله من وراء القصد
والحمد لله رب العالمين
د. ناصر بن محمد الغريبي