متلازمان فمن كان أرفع في أحدهما فهو أرفع في الآخرة وفي ذلك نظر للمتأمل، ثم الفضيلة تارةً تكون باعتبار ذاتي وتارةً تكون باعتبار عرضي فالذي بالاعتبار الذاتي كتفضيل أحد الجنسين على الآخر في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} والذي بالاعتبار العرضي فما يمكن اكتسابه كقوله تعالى: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ} .

وقد يطلق المفضل على كل عطية لا تلزم المعطى، ثم إنَّ الصفة التي يستحق بها التفضيل قد يكون فضِيلة بالنسبة إلى ما دونها كما يكون في التفاضل بين الحيوانات في كثرة الحمل أو في حسن المشي، أو في قوة العَدو فإنما تظهر فضيلة أحدهما على الآخر بالنسبة إلى اعتبار حال الآخر، وقد تكون فضيلة في نفسها كالعِلم فإنه شريف مطلوب لذاته، وهو فضيلة بالنسبة إلى ما دونه أيضًا.

ومن وجه آخر، وهو أنَّ الفضيلة قد تراد لذاتها وقد يراد لما يتوصَّل بها إليه كالعلم، والعبادة، فإنَّ العلم في ذاته مطلوب متلذذ به مفتخر به وتراد العبادة لما توصل إليه من السَّعادة الأخروية، ويشاركها في ذلك العِلم فيظهر بهذا أنَّ التفضيل بين أمرين قد يكون باعتبار ذاتيهما وقد يكون باعتبار ما يوصلان إليه، وقد أطلق بعضهم أنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015