من الأمور اللازمة لنجاح الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يتسع صدره لقبول الخلاف فيما يسوغ فيه الخلاف. وهناك مسائل فرعية ليست من الأصول يختلف فيها الناس كثيرا، وتتباين أقوالهم فيها، وهي في الحقيقة مما يجوز فيه الخلاف، فمثل هذه المسائل لا يكفر من خالف فيها، ولا يُنكر عليه، لأنها مما وسع الله فيها على عباده، قال تعالى {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (?)
يذكر الإمام الغزالى - رحمه الله- من شروط الحسبة (أن يكون كونه منكرًا معلوما بغير اجتهاد، فكل ما هو محل الاجتهاد فلا حسبة فيه) (?) .
وروى أبو نعيم بسنده عن الإمام سفيان الثوري -رحمه الله- قوله: (إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه) (?) .
ويستثني القاضي أبو يعلى من ذلك إذا كان الخلاف ضعيفاً في مسألة من المسائل، وقد يؤدي عدم الإنكار إلى محظور متفق عليه، إذ يقول: (ما ضُعف الخلاف فيه، وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه كربا النقد.. فيدخل في إنكار المحتسب بحكم ولايته) (?) .