قال ابن رجب في تقرير ذلك: «وكلام أحمد وغيره من الحفَّاظ يدور على اعتبار قول الأوثق في ذلك والأحفظ أيضاً» ، قال: «وقد صنَّف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفاً حسناً سمَّاه: "تمييز المزِيد في متصل الأسانيد"، وقسمه قسمين:

أحدهما: - ما حكم فيه بصحة ذكر الزِّيادة في الإسناد، وتركها.

والثاني: - ما حكم فيه بردِّ الزِّيادة وعدم قبولها.

ثم إنَّ الخطيب تناقض، فذكر في كتاب "الكفاية" للنَّاس مذاهب في اختلاف الرُّواة في إرسال الحديث ووصله، كلها لا تعرف عن أحدٍ من متقدمي الحفَّاظ، وإنَّما مأخوذة من كتب المتكلِّمين. ثم إنه اختار أن الزِّيادة من الثِّقة مقبولة مطلقاً كما نصره المتكلِّمون وكثير من الفقهاء، وهذا يخالف تصرُّفه في كتاب "تمييز المزِيد". وعاب تصرُّفَهُ في كتاب "تمييز المزِيد" بعضُ محدثي الفقهاء، وطمع فيه لموافقته لهم في كتاب "الكفاية"» ، ثم قال: « ... ومن تأمَّل كتاب البخاريِّ تبيَّن له - قطعاً - أنَّه لم يكن يرى زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة، وهكذا الدَّارقطني. فدلَّ على أنَّ مرادهم زيادة الثِّقَة في مثل تلك المواضع الخاصَّة، وهي إذا كان الثِّقة مبرزاً في الحفظ» (?) .

ولكثير من المتكلِّمين والفقهاء وبعض المتأخِّرين المنتسبين لعلم الحديث ممَّن خالف المحدِّثين في منهجهم في العلل عموماً وفي زيادة الثِّقات خصوصاً حججٌ مأخوذة من علم الكلام لا تنطبق على منهجهم الاستقرائي الواقعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015