دون الفقهاء الذين لا اطلاع لهم على طرقه وخفاياه» (?) .
* * *
ومما يجب التَّنبُّه له هنا - ويعدُّ من مهمات علم العلل - أمورٌ منها:
الأول: - أن قواعد هذا العلم وأصوله وضوابطه الكلية والفرعية لا تؤخذ إلا عن أهله السابقين الراسخين. فلا تؤخذ عن أقوال المعتزلة وأشباههم ممن ألف في الأصول، وكانوا لا يعرف شيئاً عن الحديث وعلومه، بل إن بعضهم كان عدواً له ولأهله بقوله بردِّ أخبار الآحاد (?) . ومع هذا يتكلَّمون عن قواعد الحديث والرِّواية بكلام منطقي نظري في الأذهان، لا نصيب له في الأعيان.
فكما نأخذ القراءات عن القرَّاء، والفقه عن أهله وهكذا، ولا نتقدَّم على أقوالهم، ومن خالفهم جملةً رُدَّ قولهم وصار خارجاً عن العلم ورسمه، فكذلك يقال لكل من خالف طرائق المحدِّثين السَّابقين تماماً.
قال الإمام مسلم: «أعلم رحمك الله أنَّ صناعةَ الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة لأنهم الحفاظ لروايات الناس العارفين بها دون غيره» (?) .
قال ابن القيِّم: «طريق الأصوليين وأكثر الفقهاء أنهم لا يلتفتون إلى علَّةٍ للحديث إذا سلمت طريق من الطُّرق منها فإذا وصله ثقة أو رفعه لا