صحَّحه ... ، وهذا حيث لا يوجد مخالف منهم لذلك المعلَّل ... ، وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك، والتسليم لهم فيه» (?) .

والسبب في ذلك أن الله عز وجل «بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالاً نقَّاداً تفرَّغوا، فأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين. فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النَّظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفَّاظ الوقت، مع الفهم، وجودة التَّصور، ومداومة الاشتغال، وملازم التقوى والتواضع، يوجب لك - إن شاء الله - معرفة السُّنن النبوية، ولا قوة إلا بالله» (?) .

قال ابن تيمية: «وقد يترك- أي البخاريَّ أو مسلماً - من حديث الثِّقة ما علم أنه أخطأ فيه، فيظنُّ من لا خبرة له أنَّ كلَّ ما رواه ذلك الشَّخص يحتجُّ به أصحاب الصَّحيح، وليس الأمر كذلك. فإن معرفة علل الحديث علم شريف يعرفه أئمَّة الفن ... » (?) .

وقال أيضاً: « ... فإنهم أيضاً يضعِّفون من حديث الثِّقَة الصَّدوق الضَّابط أشياء تبيَّن لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلُّون بها، ويسمُّون هذا "علم العلل"، وهو أشرف علومهم، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه، وغلطه قد عُرِفَ» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015