لعل ما أُلِّفَ في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من أكثر المؤلفات التي تركها علماء السَّلف الصالح لمن بعدهم. ومن بين هذه المؤلَّفات ما كتبه المحدثون في علل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. إلا أنَّ ما ألِّف في العلل قليل بالنِّسبة لبقية تلك المؤلَّفات، كما أنَّ ما سَلِم منها وبقي حتى الآن لا يكاد أن يذكر كذلك. ولا شكَّ أَنَّ هذا يترك شيئاً من الحزن في قلب أهل العلم، أن فاتهم ما فيها من علم.
قال الخطيب وذكر مصنفات ابن المديني: «وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعة أو خمسة حسب ولعمري إنَّ في انقراضها ذهاب علوم جمة وانقطاع فوائد ضخمة» (?) .
وقال أَيضاً بعد ذكر العشرات من كتب ابن حبان المفقودة: «مثل هذه الكتب الجليلة كان يجب أن يكثر بها النسخ ويتنافس فيها أهل العلم ويكتبوها لأنفسهم ويخلدوها أحرازهم، ولا أحسب المانع من ذلك إلا قلة معرفة أهل تلك البلاد لمحل العلم وفضله وزهدهم فيه ورغبتهم عنه وعدم بصيرتهم به، والله أعلم» (?) .
ولا شكَّ أنَّ هذه المؤلفات تعطي لنا تصوراً مجملاً عن نشأة علم