الثَّالِثَة قَوْلنَا مَا لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث فَهُوَ حَادث وبرهانه أَنه لَو لم يكن كَذَلِك لَكَانَ قبل كل حَادث حوادث لَا أول لَهَا وَلَو لم تنقض تِلْكَ الْحَوَادِث بجملتها لَا تَنْتَهِي النّوبَة إِلَى وجود الْحَادِث الْحَاضِر فِي الْحَال وانقضاء مَا لَا نِهَايَة لَهُ محَال وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ للفلك دورات لَا نِهَايَة لَهَا لَكَانَ يَخْلُو عَددهَا عَن أَن تكون شفعاً أَو وترا أَو شفعاً ووتراً جَمِيعًا أَو لَا شفعاً وَلَا وترا ومحال أَن تكون شفعاً ووتراً جَمِيعًا أَو لَا شفعاً وَلَا وترا فَإِن ذَلِك جمع بَين النَّفْي وَالْإِثْبَات إِذْ فِي إِثْبَات أَحدهمَا نفي الآخر وَفِي نفي أَحدهمَا إِثْبَات الآخر ومحال أَن يكون شفعاً لِأَن الشفع يصير وترا بِزِيَادَة وَاحِد وَكَيف يعوز مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَاحِد
ومحال أَن يكون وترا إِذْ الْوتر يصير شفعاً بِوَاحِد فَكيف يعوزها وَاحِد مَعَ أَنه لَا نِهَايَة لأعدادها ومحال أَن يكون لَا شفعاً وَلَا وترا إِذْ لَهُ نِهَايَة فَتحصل من هَذَا أَن الْعَالم لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث وَمَا لَا يَخْلُو من الْحَوَادِث فَهُوَ إِذا حَادث وَإِذا ثَبت حُدُوثه كَانَ افتقاره إِلَى الْمُحدث من المدركات بِالضَّرُورَةِ