مناطق قليلة السكان تؤدي إلى قلة الاحتكاك بدرجة أقل منها إذا اخترقت مناطق كثيفة. كذلك فإن المناطق الآهلة بالسكان القريبة من مناطق النزاع السياسي المجاورة قد تكون ذات أهمية للدولة وخاصة في وقت الحروب؛ ذلك لأن هذه المناطق إذا تعرضت لغزو وتمت السيطرة عليها أصبحت المقاومة ضعيفة في مواجهة العدو ولعل في موقع باريس ومنطقتها بالنسبة لحدود فرنسا الشمالية الشرقية دليل على ذلك.
أما العنصر الثالث من السكان فهو تركيبهم وخاصة لغويا ودينيا وعرقيا وهناك دول تتميز بازدواج لغتها مثل كندا وبلجيكا كما أن هناك دولا تختلف أجزاؤها دينيا مثل كندا ويوغسلافيا وهولنده وإندونيسيا وأيرلنده الشمالية. والاختلافات العرقية تتمثل في جمهورية جنوب أفريقيا والولايات المتحدة. وقد يضعف وجود أكثر من لغة قومية واحدة داخل الدولة من قوتها السياسية حيث تنزع المجموعات اللغوية إلى تغير النمط السياسي السائد وتتجه إلى انفصال عن جسم الدولة وتكوين وحدة سياسية مستقلة.
التجانس السكاني في الدولة:
تعتمد الوحدة السياسية للدول على مجموعة من المقومات البشرية المرتبطة بالتركيب السكاني فيها والتي تجمع بين السكان وتكون مشتركة بينهم مؤلفة بين مشاعرهم تجاه الأرض التي تكون الإطار البيئي لهم ويدخل في عداد هذه المقومات التجانس اللغوي والديني والحضاري والعرقي بما يكفل وحدة الفكر والمشاعر.
وقد ظهرت أهمية هذه المقومات في خلق دول كثيرة في العصور القديمة تجلى فيها الحرص على الروابط التي تزيد أهميتها ظروف البيئة الجغرافية الطبيعية ومن هذه الدول مصر التي أسهم النيل في إيجاد كيان طبيعي ترتكز عليه المقومات البشرية للدولة بها.
على أن دراسة التجانس السكاني تستتبع دراسة الجنس والتوزيع اللغوي والديني ثم تحديد دور كل من هذه العناصر في الكيان السياسي؛ ذلك لأن كثيرا من المشكلات السياسية المحلية والدولية ترجع في الغالب لتباين في التركيب السلالي أو الديني أو القومي.