...
القمر وأوجهه
القمر -تابع الأرض الطبيعي- يدور حول نفسه كما يدور حول الأرض، وهو فوق ذلك يلازم الأرض في دورانه حول نفسه يتعامد على مستوى دوران الأرض حول محورها، ولهذا فإننا نرى منه ذلك النصف المواجه لنا بينما يظل النصف الآخر مختفيًا عنا. والقمر جسم كروي غير منتظم الشكل تمامًا، ويبلغ قطره نحو 1/ 4 قطر الأرض، وحجمه 1/ 49 من حجمها، وتبلغ كثافته نحو3.3، وقوة جاذبيته 1/ 6 قوة جاذبية الأرض.
وأنت حين تنظر إلى القمر تراه مشرقًا مضيئًا، فيخيل إليك أنه جسم ملتهب مضيء بطبيعته كالشمس، وهذا غير الواقع، فالقمر جسم معتم كالأرض تمامًا يستمد نوره من الشمس كما تستمد الأرض نورها منها. وما نور القمر إلا ضوء الشمس منعكسًا منه على الأرض.
والقمر قاحل أجرد، ولا نبت فيه ولا ضرع، فالقمر لا يحيط به غلاف جوي، إذ هو من الصغر بحيث لا يستطيع الاحتفاظ بمثله كالأرض. فإنه يتأثر بكامل الإشعاع الشمسي بما فيه الأشعة المميتة فوق البنفسجية وأشعة أكس وأشعة جاما، وينعدم فيه وجود الماء السطحي اللازم للحياة. ودرجة حرارة الظهيرة عند خط استوائه أعلى من درجة غليان الماء، وتهبط الحرارة أثناء ليله إلى ما دون الصفر بكثير، ويوجد القمر في فراغ تامٍّ، ومن ثم فإن إمكانيات الحياة معروفة على وجهه.
ويمكنك أن تتعرف على طبيعة القمر لو أنك استعنت على مشاهدته بمنظار فلكي مقرب "شكل 14" فإنك سترى سطحه مضرسًا وعرًا، وستلاحظ على وجهه سهولًا وجبالًا، وستبدو لك السهول داكنة نظرًا لأنها مغطاة بمواد بركانية قاتمة اللون. ويطلق على هذه السهول اسم لاتيني هو "ماريا" أي بحار؛ وذلك لأن فلكيي القرن السابع عشر ظنوها بحارًا، وما هي ببحار. وستبدو لك الجبال من خلال المنظار المقرب فضية اللون مشرقة.