النباتية والبشرية، وهناك أنماط من الحياة البشرية المتشابهة على الجبال وذلك بالرغم من تباعدها الجغرافي بعضها عن بعض من ناحية وعدم ارتباطها جنسيا من ناحية أخرى، وفي الواقع فإن الجبال تعد بيئات يبدو فيها بصرامة تأثير التضاريس والمناخ كقوى طبيعية غير عادية في مثل تلك المناطق الصغيرة نسبيا ومن ثم توجه باستمرار ردود الأفعال البشرية حيالها.

وقد وجد أن درجة الحرارة في غرب أوروبا تتناقص بمعدل درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا 150مترا، ومن هنا فإن النطاقات النباتية تتتابع الواحدة تلو الأخرى على منحدرات الجبال، وتنتهي المنطقة الدنيا "السفلى" التي تعد امتدادا للأراضي المنخفضة عند أقدام المنحدرات الجبلية عند ارتفاع يتراوح بين 2600 - 3000 قدم فوق سطح البحر وفي وسط سويسرا مثلا تتوقف زراعة الشعير بعد خط كنتور 2600 قدما وفوق هذه الارتفاعات تبدأ النطاقات الجبلية فيوجد غطاء غابي في بادئ الأمر حيث تكون الأمطار غزيرة، ويختلف منسوب الارتفاع الذي يختفي عنده هذا الغطاء تبعا لدرجة تعرض المنحدر لعناصر المناخ فيصل إلى 4000 قدم في مرتفعات الفوج في فرنسا، 7500 قدم في البرانس الشرقية ويلي النطاق الغابي هذا حشائش ألبية حيث تتميز الأحوال المناخية بالجفاف والبرودة ولكنها مشمسة وتتغطى الأرض بالحشائش التي تزينها الأزهار في الربيع وتسود في هذا النطاق حشائش المرتفعات الصيفية التي تقصدها القطعان من الأراضي المنخفضة تحتها وأخيرا تتوج الجبال غطاءات ثلجية دائمة، التي يتراوح ارتفاع خطها الدائم -وهو متوسط الارتفاع الذي لا يتعرض الثلج الواقع فوقه للذوبان- من جبل إلى آخر فيصل هذا الخط إلى ارتفاع 9000 قدم على المنحدرات الشمالية للبرانس، 9800 قدم في مون بلان Mont رضي الله عنهlan وعلى ذلك فإن من يتسلق الجبال في أوروبا يستطيع أن يرى هذه النطاقات بوضوح على ارتفاعات مناسبة كما لو كان في رحلة إلى المناطق القطبية، وفي نطاق منها توجد أنماط بشرية ونباتية خاصة. وجدير بالذكر هنا أن النطاق الأدنى يتعرض لمشكلات من النطاقات التي تعلوه مثل انصراف المياه وجرف التربة واتجاهها نحوه وهبوط كتل صخرية إليه بفعل عوامل التعرية وغير ذلك. وعلى ذلك فإن البيئة الطبيعية على السلاسل الجبلية تتطلب أنماطا خاصة من الحياة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015