دقيقا- إلا أن ما يهمنا هو مدى تأثيرها في أوجه النشاط البشري، وتعتبر السهول ذات التربة الخصبة والمناخ المعتدل أكثر الجهات ملاءمة لنشاط السكان ومن ثم فإنهم يتركزون بها أكثر من أي مظهر تضاريسي آخر كما هي الحال في السهول الوسطى في أمريكا الشمالية وسهول البمبا في أمريكا الجنوبية والسهل الأوروبي الشمالي وسهل الجانج والسند في الهند والباكستان والسهل الصيني الشمالي، وقد نتج هذا التركز عن عوامل متعددة توفرت في هذه السهول أهمها سهولة زراعتها وجودة تربتها وملاءمتها لإنتاج كثير من المحاصيل كذلك فإن استواء السطح في المناطق السهلية يسهم في سهولة النقل وامتداد طرق المواصلات المختلفة. وليس معنى ذلك أن وجود السهول في منطقة ما قرين بتركز السكان فيها ذلك لأن هناك سهولا فسيحة في معظم قارات العالم لا تتوفر فيها عوامل الاستقرار البشري مثل السهول القطبية في شمال أمريكا الشمالية وفي آسيا. كذلك في السهول الصحراوية الجافة كما هي الحال في وسط استراليا وجنوب الصحراء الكبرى وكذلك فإن هناك قطاعات من السهول الرطبة الحارة التي لا تشجع على التركز البشري مثل سهول الأمازون وبعض سهول وسط أفريقيا الاستوائية.
وتتعدد مظاهر التأثير التي تحدثها التضاريس على المظهر الحضاري في البيئة وذلك للترابط الكبير بين العناصر الطبيعية -فهناك علاقة وثيقة بين مظاهر السطح والمناخ يبدو ممثلا في الارتفاع- حيث تقل درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا 150 مترا وتظل تنخفض بالارتفاع حتى تصل إلى خط الثلج الدائم الذي يحدد بداية الثلج الدائم والذي يكون إيذانا باختفاء الحياة النباتية والحيوانية، كذلك تعتبر الجبال من عوامل سقوط المطر حيث تكثر الأمطار على الجوانب الجبلية المواجهة للرياح المحملة بالأبخرة وتقل على الجوانب المقابلة التي تقل بها الأمطار قلة مفاجئة إن لم تكن مناطق قارية جافة.
وتختلف المناطق المرتفعة في جذبها للسكان من حيث موقعها بالنسبة لخط العرض ومن حيث ظروف المناخ السائدة بها؛ ذلك لأن الحياة النباتية تختلف هي الأخرى حسب الارتفاع السائد الذي يؤثر في درجات الحرارة والرطوبة وتعتبر الجبال جزرا نباتية تختلف عن المناطق المحيطة بها اختلافا كبيرا كذلك فإن الحياة النباتية تتدرج على المرتفعات نتيجة لعامل الارتفاع