حجة من يرى أن الآية ناسخة للأمر الأول وهو ذبح أي بقرة:
قال الجصاص في أحكام القرآن: "يجوز النسخ قبل وقوع الفعل بعد التمكن منه؛ ذلك أن زيادة هذه الصفات في البقرة كل منها قد نسخ ما قبلها؛ لأن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (?) اقتضى ذبح بقرة أيها كانت وعلى أي وجه شاءوا، وقد كانوا متمكنين من ذلك.
فلما قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} (?) فقال: {إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا} (?) نسخ التخيير الذي أوجبه الأمر الأول في ذبح البقرة الموصوفة بهذه الصفة وذبح غيرها، وقصروا على ما كان منها بهذه الصفة وقيل لهم.
{فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} (?) فأبان أنه كان عليهم أن يذبحوا من غير تأخير على هذه الصفة أي لو كانت وعلى أي حال كانت من ذلول أو غيرها، فلما قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا} (?) نسخ التخيير الذي كان في ذبح أي لون شاءوا منها وبقي التخيير في الصفة الأخرى من أمرها، فلما راجعوا نسخ ذلك أيضاً وأمروا بذبحها على الصفة التي ذكر واستقر الفرض