إذا انفك من مفصله؛ والمعنى: أنهم متشبثون بدينهم لا يتركونه إلاّ عند مجيء البينة. و (البينة) الحجة الواضحة. و (رَّسُولٌ) بدل من البينة (?).
وقال الفراء: " ويصدق ذلك: قوله عز وجل: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (?) " (?).
وأعجب هذا القول ابن عاشور حيث قال فيه: " وهذا تعريض بالتوبيخ بأسلوب الإِخبار المستعمل في إنشاء التعجيب أو الشكايةِ من صَلَف المُخبر عنه، وهو استعمال عزيز بديع وقريب منه قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} (?) إذ عَبَّر بصيغة يَحْذَر وهم إنما تظاهروا بالحذر ولم يكونوا حاذرين حقاً ولذلك قال الله تعالى:
{قُلِ اسْتَهْزِئُوا} " (?).
وذكر ابن عاشور أن هذا القول تؤيده آية أخرى وهو قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ