3- وصية الغزالي في معاملة المتعصب:
قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه فيصل التفرقة، في تتمة الفصل الأول، بعد حكمه على من يتخبط في الجواب، ويعجز عن كشف الغطاء بأنه ليس من أهل النظر، وإنما هو مقلد ما نصه: "وشرط المقلد أن يسكت ويسكت عنه؛ لأنه قاصر عن سلوك طريق الحجاج، ولو كان أهلًا له كان مستتبعا لا تابعا، وإماما لا مأمومًا، فإن خاض المقلد في المحاجة فذلك منه فضول، والمشتغل به صار كضارب في حديد بارد، وطالب لصلاح الفاسد، وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ ".
وقال رحمه الله في موضع آخر منه: "فإذا رأيت الفقيه الذي بضاعته مجرد الفقه يخوض في التكفير والتضليل، فأعرض عنه، ولا تشغل به قلبك ولسانك، فإن التحدي بالعلوم غريزة في الطبع لا يصبر عنه الجهال ولأجله كثر الخلاف بين الناس، ولو ينكث من الأيدي من لا يدري لقل الخلاف بين الخلق".
أقول: هذا بمعنى قول سقراط: لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف.
وقال الغزالي قدس سره في كتابه "المنقذ من الضلال"1: "لا مطمع في الرجوع إلى التقليد بعد مفارقته؛ إذ من شرط المقلد أن لا يعلم أنه مقلد، فإذا علم ذلك انكسرت زجاجة تقليده وهو شعب لا يرأب، وشعث لا يلم بالتلفيق، والتأليف إلا أن يذاب بالنار، ويستأنف لها صيغة أخرى مستجدة". ا. هـ.