قال المحقق ابن القيم رحمه الله في كتابه طريق الهجرتين: "إن عادتنا في مسائل الدين كلها، دقها وجلها، أن نقول بموجبها، ولا نضرب بعضها ببعض، ولا نتعصب لطائفة على طائفة بل نوافق كل طائفة على ما معها من الحق، ونخالفها فيما معها من خلاف الحق لا نستثني من ذلك طائفة ولا مقالة، ونرجو من الله أن نحيا على ذلك ونموت عليه، ونلقى الله به ولا قوة إلا بالله". ا. هـ.
وقال حكيم مصره بل عصره الشيخ محمد عبده مفتي مصر، في كتاب الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية في مبحث: "سماحة الإسلام" ما لفظه: "آخذ بيد القارئ الآن وأرجع به إلى ما مضى من الزمان، وأقف به وقفه بين يدي خلفاء بني أمية والأئمة من بني العباس ووزرائهم والفقهاء والمتكلون والمحدثون والأئمة المجتهدون من حولهم، والأدباء والمؤرخون والأطباء والفلكيون والرياضيون والجغرافيون والطبيعيون، وسائر أهل النظر من كل قبيل مطيفون بهم، وكل مقبل على عمله فإذا فرغ عامل من العمل أقبل على أخيه ووضع يده في يده يصافح الفقية المتكلم والمحدث الطبيب والمجتهد الرياضي والحكم، وكل يرى في صاحبه عونًا على ما يشتغل هو به، وهكذا أدخُلُ به بيتًا من بيوت العلم فأجد جميع هؤلاء سواء في ذلك البيت يتحادثون ويتباحثون، والإمام البخاري حافظ السنة بين يدي الحسن البصري شيخ السنة من التابعين يتلقى عنه، وقد سئل الحسن عنه فقال للسائل: "لقد سألت عن رجل كأن الملائكة أدبته، وكأن الأنبياء ربته إن قام بأمر قعد به، وإن قعد بأمر قام به وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له ما رأيت ظاهرًا أشبه بباطن منه، ولا باطنًا أشبه بظاهر منه" بل أرفع بصري فأجد الإمام أبا حنيفة أمام الإمام زيد بن علي صاحب مذهب الزيدية من الشيعة يتعلم منه أصول العقائد والفقه، ولا يجد أحدهم من الأخر إلا ما يجد