لا ترغبن عن الحديث وأهله ... فالرأي ليل والحديث نهار

وكان مجاهد يقول لأصحابه: "لا تكتبوا عني كل ما أفتيت به، وإنما يُكتب الحديث ولعل كل شيء أفتيتكم به اليوم أرجع عنه غدًا". وكان أبو عاصم رحمه الله تعالى يقول: "إذا تبحر الرجل في الحديث، كان الناس عنده كالبقر". وكان الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- يقول: "إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي؛ وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ضل". ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والحديث يقرأ عنده فقال الرجل: "دعونا من هذه الأحاديث! " فزجره الإمام أشد الزجر، وقال له: "لولا السنة ما فهم أحد منا القرآن". وقيل له مرة: "قد ترك الناس العمل بالحديث واقبلوا على سماعه" فقال -رضي الله عنه: "نفس سماعهم للحديث عمل به". وكان -رضي الله عنه- يقول: "لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا". وكان يقول: "لا ينبغي لأحد أن يقول قولًا حتى يعلم أن شريعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقبله". وكان الإمام مالك -رضي الله عنه- يقول: إياكم ورأى الرجال إلا إن أجمعوا عليه: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} 1 وما جاء عن نبيكم، وإن لم تفهموا المعنى فسلموا لعلمائكم، ولا تجادلوهم فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق. وروى الحاكم والبيهقي عن الإمام الشافعي -رضي الله عنه- أنه كان يقول: " إذا صح الحديث فهو مذهبي" قال ابن حزم: "أي صح عنده أو عند غيره من الأئمة" وفي رواية أخرى: "إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعملوا بكلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضربوا بكلامي الحائط" وقال مرة للربيع: "يا أبا أسحق، لا تقلدني في كل ما أقول، وانظر في ذلك لنفسك فإنه دين". وكان -رضي الله عنه- إذا توقف في حديث يقول: "لو صح ذلك لقلنا به". وكان يقول: "إذا ثبت عن النبي -بأبي هو وأمي- شيء لم يحل تركه لشيء أبدًا" وروى البيهقي عن الإمام أحمد -رضي الله عنه- أنه كان إذا سئل عن مسألة يقول: "أولأحد كلام مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ " وكان يتبرأ كثيرًا من رأي الرجال ويقول: "لا ترى أحدًا ينظر في كتب الرأي غالبًا إلا وفي قلبه دخل"2 وكان ولده عبد الله يقول: "سألت الإمام أحمد عن الرجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015