علم رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، ولا تفنى محاسنه على ممر الدهر؛ لم يزل في القديم والحديث يسمو عزة وجلالة، وكم عز به من كشف الله له عن مخبآت أسراره وجلاله؛ إذ به يعرف المراد من كلام رب العالمين ويظهر المقصود من حبله المتصل المتين، ومنه يُدرى شمائل من سما ذاتًا ووصفًا واسمًا ويوقف على أسرار بلاغة من شرف الخلائق عربًا وعجمًا، وتمتد من بركاته للمعتنى به موائد الإكرام من رب البرية، فيدرك في الزمن القليل من المولى الجليل المقامات العلية، والرتب السنية من كرع من حياضه أو رتع في رياضه فليهنه الأنس بجنى جنانه السنة المحمدية، والتمتع بمقصورات خيام الحقيقة الأحمدية؛ وناهيك بعلم من المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بدايته، وإليه مستنده وغايته. وحسب الراوي للحديث شرفًا وفضلًا وجلالة ونبلًا أن يكون أول سلسلة آخرها الرسول وإلى حضرته الشريفة بها الانتهاء والوصول.
وطالما كان السلف الصالح يقاسون في تحمله شدائد الأسفار، ليأخذوه عن أهله بالمشافهة ولا يقنعون بالنقل من الأسفار فربما ارتكبوا غارب الاغتراب بالارتحال إلى البلدان الشاسعة لأخذ حديث عن إمام انحصرت رواتيه فيه أو لبيان وضع حديث تتبعوا سنده حتى انتهى إلى من يختلق الكذب ويفتريه وتأسى بهم من بعدهم من نقلة الأحاديث النبوية وحفظة السنة المصطفوية، فضبطوا الأسانيد وقيدوا منها كل شريد، وسبروا الرواة بين تجريح وتعديل، وسلكوا في تحرير المتن أقوم سبيل، ولا غرض لهم إلا الوقوف على الصحيح من أقوال المصطفى وأفعاله، ونفي الشبهة بتحقيق السند واتصاله فهذه هي المنقبة التي تتسابق إليها الهمم العوالي والمأثرة التي يصرف في تحصيلها الأيام والليالي"
وقال الإمام أبو الطيب السيد صديق خان الحسيني الأثري عليه الرحمة والرضوان قي كتابة: "الخطة": "اعلم أن آنف1 العلوم الشرعية ومفتاحها ومشكاة الأدلة السمعية ومصباحها وعمدة المناهج اليقينية ورأسها ومبني شرائع الإسلام وأساسها ومستند الروايات الفقهية كلها ومآخذ الفنون الدينية دقها وجلها وأسوة جملة الأحكام وأسها