إلى أن أقول به، من قول غيرهم إن خالفهم من قبل أنهم أهل علم وحكام. ثم ساق الكلام إلى أن قال: فإن اختلف الحكام استدللنا بالكتاب والسنة في اختلافهم، فصرنا إلى قول الذي عليه الدلالة من الكتاب والسنة وقلما يخلو اختلافهم من دلائل كتاب أو سنة، وإن اختلف المفتون -يعني من الصحابة بعد الأئمة- بلا دلالة فيما اختلفوا فيه نظرنا إلى الأكثر فإن تكافأ نظرنا إلى أحسن أقاويلهم مخرجًا عندنا، وإن وجدنا للمفتين في زماننا وقبله إجماعًا في شيء لا يختلفون فيه تبعناه، وكان أحد طرق الأخبار الأربعة وهي كتاب الله تعالى ثم سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ثم قول بعض الصحابة ثم إجماع الفقهاء فإذا نزلت نازلة لم يجد فيها واحدة من هذه الأربعة الأخبار فليس السبيل في الكلام في النازلة إلا اجتهاد الرأي.

وقال شمس الدين ابن القيم في إعلام الموقعين: "قال الأصم: أخبرنا الربيع بن سليمان قال الشافعي: أنا أعطيك جملة تغنيك إن شاء الله تعالى: لا تدع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا أبدًا إلا أن يأتي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديث خلافه فتعمل بما قررت لك في الأحاديث إذا اختلف، وقال أبو محمد الجارودي: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول إذا وجدتم سنة محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف قولي فإني أقول به قال أحمد بن عيسى بن ماهان الرازي سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: كل مسألة فيها صح الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي وقال حرملة بن يحيى قال الشافعي: ما قلت وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال بخلاف قولي فما صح من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أولى ولا تقلدوني وقال الحميدي: سأل رجل الشافعي عن مسألة فأفتاه وقال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا وكذا فقال الرجل: أتقول بهذا يا أبا عبد الله؟ فقال الشافعي: أرأيت في وسطي زنارًا؟ أتراني خرجت من الكنيسة؟ أقول: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقول لي: أتقول بهذا؟! أروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أقول به؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015