"أمتي أمة مباركة لا يُدرى أولها خير أو آخرها" قال ابن عبد ربه في العقد: "إني رأيت آخر كل طبقة، واضعي كل حكمة، ومؤلفي كل أدب، أهذب لفظا وأسهل لغة، وأحكم مذاهب، وأوضح طريقة من الأول؛ لأنه ناقض متعقب، والأول بادي متقدم".
وفي كتاب: "جامع بيان العلم وفضله" للحافظ ابن عبد البر1 عن علي -رضي الله عنه- أنه قال في خطبة خطبها: "واعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل آمري ما يحسن فتكلموا في العلم تتبين أقداركم". قال ابن عبد البر: "ويقال إن قول علي بن أبي طالب: قيمة كل امرئ ما يحسن، لم يسبقه إليه أحد، وقالوا: "ليس كلمة أحض على طلب العلم منها" وقالوا: "ولا كلمة أضر بالعلم والعلماء والمتعلمين من قول القائل: "ما ترك الأول للآخر شيئًا". ا. هـ.
المطلع الثاني:
أتأسى في هذا التصنيف الميمون بقول السيد مرتضى اليماني رحمه الله في كتابه: "إيثار الحق على الخلق"2: "وإنما جمعت هذا المختصر المبارك، إن شاء الله تعالى، لمن صنفت لهم التصانيف، وعنيت بهدايتهم العلماء؛ وهم من جمع خمسة أوصاف، معظهما: الإخلاص والفهم والإنصاف، ورابعها -وهو أقلها وجودًا في هذه الأعصار- الحرص على معرفة الحق من أقوال المختلفين وشدة الداعي إلى ذلك الحامل على الصبر والطلب كثيرًا وبذل الجهد في النظر على الإنصاف ومفارقة العوائد وطلب الأوابد".
قال رحمه الله: "فإن الحق في مثل هذا الأعصار قلما يعرفه إلا واحد، وإذا عظم المطلوب قل المساعد، فإن البدع قد كثرت، وكثرت الدعاة إليها، والتعويل عليها، وطالب الحق اليوم شبيه بطلابه في أيام الفترة، وهم: سلمان الفارسي، وزيد بن عمرو بن نفيل وأضرابهما رحمهما الله تعالى؛ فإنهم قدوة الطالب للحق، وفيهم له أعظم أسوة فإنهم لما حرصوا