قال الحكيم الترمذي قدس الله سره في نوادر الأصول: "من أراد أن يؤدي إلى أحد حديثًا قد سمعه، جاز له أن يقول أخبرني وحدثني، وكذلك إذا كتب إليه من بلدة أخرى جاز أن يقول أخبرني، وحدثني فإن الخبر يكون شفاها أو بكتاب وذلك قوله تعالى في تنزيله1: {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِير} فإنما صار نبأ وخبرًا بوصول علم ذلك إليه، وكذلك يجوز أن يقول حدثني لأنه قد حدث إليه الخبر فسواء حدث شفاها أو بكتاب، وكذلك إذا ناوله كتابه فقال هذا حديثي لك، وهذا خبرني إياك فحدث عني، وأخبر عني جاز له أن يقول حدثني وأخبرني وكان صادقًا في قوله لأنه قد حدث إليه وأخبره فليس للمتمنع أن يمتنع من هذا تورعًا، ويتفقد الألفاظ مستقصيا في تحري الصدق بتوهم أن ترجمة قوله أخبرني وحدثني لفظه وبالشفتين، وليس هو كذلك فاللفظ لفظ والكلام كلام والقول قول والحديث حديث والخبر خبر، فالقول ترجيع الصوت، والكلام كلم القلب بمعاني الحروف، والخبر إلقاء المعنى إليك فسواء ألقاه إليك لفظًا أو كتابًا، وقد سمي الله القرآن في تنزيله: "حديثًا". حدث به العباد وخاطبهم به، وسمى الذي يحدث في المنام حديثًا فقال2: {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} . ا. هـ.
وروى البخاري في صحيحه عن الحميدي قال: "كان عند ابن عيينة حدثنا وأخبرنا وأنبأنا وسمعت واحدًا" قال الحافظ في الفتح إيراده قول ابن عيينة دون غيره دال على أنه مختاره، واستدل البخاري على التسوية بين هذه الصيغ بحديث ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي" -وفي رواية: "أخبروني" وفي رواية: "أنبئوني" فدل ذلك على أن التحديث والإخبار والإنباء عندهم سواء، وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم بالنسبة إلى اللغة. ومن