5- الناقلون المبدعون:

سلف في المقالة قبل أن من أسباب الجراح البدعة، ونقلنا عبارة الفتح في ذلك بما كفى، بيد أن نزيد المقام بيانا لأهميته فنقول.

ذهب الجمهور إلى أنه لا تقبل رواية المكفر ببدعته، وهو من يعتقد ما يستلزم الكفر قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة1: "والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها. فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرًا متواترًا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله"

قال السخاوي: "وسبقه ابن دقيق العيد فقال: الذي تقرر عندنا أنه لا نعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر أحدًا من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي من الشريعة فإذا اعتبرنا ذلك، وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل معتمد الرواية، وهذا مذهب الشافعي حيث يقبل شهادة أهل الأهواء" ثم قال السخاوي: "وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما روينا عنه لا تظنن بكلمة خرجت من في امرئ مسلم شرًّا وأنت تحد لها في الخير محلًّا".

وفي جمع الجوامع2: "يقبل مبتدع يحرم الكذب". ا. هـ. قال المحلي2: "لأمنه فيه مع تأويله في الابتداع سواء دعا الناس إليه أم لا". ا. هـ. ولذا رد العراقي3 على من زعم أنه لا يحتج بالدعاة بأن الشيخين احتجا بهم قال: فاحتج البخاري بعمران بن حطان، وهو من الدعاة -أي دعاة الخوارج- واحتجا بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء وأجاب بأن أبا داود قال: "ليس في أهل الأهواء أصح حديثًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015