قال الحافظ الذهبي الدمشقي رحمه الله تعالى في جزء جمعه في الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ما نصه: "وأما الصحابة -رضي الله عنهم- فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات فما يكاد يسلم من الغلط أحد لكنه غلط نادر لا يضر أبدًا إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا العمل وبه ندين الله تعالى، وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدًا لكن لهم غلط وأوهام فما ندر غلطه في جنب ما قد حمل احتمل ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضًا ونقل حديثه وعمل به على تردد بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج بمن هذا نعته كالحادث الأعور وعاصم بن ضمره وصالح مولى التوءمة وعطاء بن السائب ونحوهم، ومن فحش خطؤه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه، ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين، ولو وجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم، وأما أصحاب التابعين كمالك والأوزاعي وهذا الضرب فعلى المراتب المذكورة ووجد في عصرهم من يتعمد الكذب أو من كثر غلطة فترك حديثه هذا مالك هو النجم الهادي بين الأمة، وما سلم من الكلام فيه، ولو قال قائل عند الاحتجاج بمالك فقد تكلم فيهن لعزر وأهين وكذا الأوزاعي ثقة حجة وربما انفرد ووهم وحديثه عن الزهري فيه شيء ما، وقد قال فيه أحمد بن حنبل: "رأي ضعيف وحديث ضعيف، وقد تكلف لمعنى هذه اللفظة وكذا تكلم من لا يفهم في الزهري لكونه خضب بالسواد، ولبس زي الجند، وخدم هشام بن عبد الملك. وهذا باب واسع، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث؛ والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من المفلحين. هذا أن لو كان ما قيل في الثقة الرضي مؤثرًا فكيف وهو لا تأثير له؟ " انتهى كلام الذهبي.