مثل كثير من بدع الروافض والجهمية والخوارج والقدرية، بحيث جعل عندكم من البغض لمن يكذب بأسماء الله وصفاته وقضائه، وقدره أو يسب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما هو من طريقة أهل السنة والجماعة. وهذا من أكبر نعم الله على من أنعم عليه بذلك، فإن هذا تام الإيمان وكمال الدين؛ ولهذا أكثر فيكم من أهل الصلاح والدين ما لا يوجد مثله في طرائف المبتدعين وفيكم من أولياء الله المتقين من له لسان صدق في العالمين فإن قدماء المشايخ الذين كانوا فيكم مثل الملقب بشيخ الإسلام أبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري، وبعده الشيخ العارف القدرة عدي بن مسافر الأموي، ومن سلك سيبلهما فيهم من الفضل والدين والصلاح والاتباع للسنة ما عظم الله به أقدارهم ورفع به منارهم.

ثم قال: "والشيخ عدي قدس الله روحه، عقيدته المحفوظة عنه، لم يخرج فيها عن عقيدة من تقدم من المشايخ الذين سلك سبيلهم، كالشيخ عبد الواحد الشيرازي، وكشيخ الإسلام الهكاري ونحوهما. وهؤلاء المشايخ لم يخرجوا في الأصول الكبار عن أصول أهل السنة، والجماعة بل كان لهم من الترغيب في أصول أهل السنة، والدعاء إليها والحرص على نشرها، ومنابذة من خالفها مع الدين والفضل والصلاح ما رفع الله به أقدارهم، وأعلى منارهم وغالب ما يقولونه في أصولها الكبار جيد مع أنه لا بد وأن يوجد في كلامهم وكلام نظرائهم من المسائل المرجوحة والدلائل الضعيفة كأحاديث لا تثبت ومقاييس لا تطرد ما يعرفه أهل البصيرة وذلك أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا سيما المتأخرون من الأمة الذين لم يحكموا معرفة الكتاب والسنة والفقه فيهما ويميزوا بين صحيح الأحاديث وسقيمها وناتج المقاييس وعقيمها مع ما ينضم إلى ذلك من غلبة الأهواء وكثرة الآراء وتغلظ الاختلاف والافتراق وحصول العداوة والشقاق، فإن هذه الأسباب ونحوها مما يوجب قوة الجهل والظلم اللذين نعت الله بهما الإنسان في قوله: {وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} 1 فإذا مَنَّ الله على الإنسان بالعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015