الشَّهَادَتَيْنِ إذْ لَا تَزِيدُ بَيَانًا، وَالتَّرْجِيحُ فِي كُلِّ بَابٍ إنَّمَا يَقَعُ بِالزِّيَادَةِ فِي مَقَاصِدِ ذَلِكَ الْبَابِ.
أَوْ بِإِفْسَادِ بَعْضِهِ أَوْ بِإِفْسَادِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ
فَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِ إلَّا بِفَسَادِهِ فَكَإِفْسَادِ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْأَدْوِيَةِ لِأَجْلِ الشِّفَاءِ وَالِاغْتِذَاءِ وَإِبْقَاءِ الْمُكَلَّفِينَ لِعِبَادَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَإِحْرَاقِ الْأَحْطَابِ وَإِبْلَاءِ الثِّيَابِ وَالْبُسُطِ وَالْفُرُشِ وَآلَاتِ الصَّنَائِعِ بِالِاسْتِعْمَالِ.
وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِ إلَّا بِإِفْسَادِ بَعْضِهِ فَكَقَطْعِ الْيَدِ الْمُتَآكِلَةِ حِفْظًا لِلرُّوحِ، إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهَا، وَإِنْ كَانَ إفْسَادًا لَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَهُوَ حِفْظُ الرُّوحِ.
وَكَذَلِكَ حِفْظُ بَعْضِ الْأَمْوَالِ بِتَفْوِيتِ بَعْضِهَا؛ كَتَعْيِيبِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالسُّفَهَاءِ، وَأَمْوَالِ الْمَصَالِحِ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْغَصْبُ، فَإِنَّ حِفْظَهَا قَدْ صَارَ بِتَعْيِيبِهَا فَأَشْبَهَ مَا يَفُوتُ مِنْ مَالِيَّتِهَا مِنْ أُجُورِ حَارِسِهَا وَحَانُوتِهَا. وَقَدْ فَعَلَ الْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِثْلَ ذَلِكَ لَمَّا خَافَ عَلَى السَّفِينَةِ الْغَصْبَ فَخَرَقَهَا لِيُزَهِّدَ غَاصِبَهَا فِي أَخْذِهَا
وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصْلَحَتِهِ إلَّا بِإِفْسَادِ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَكَقَطْعِ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فِي الْإِحْرَامِ؛ فَإِنَّ حُرْمَةَ الْإِحْرَامِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ سَلَامَةِ الْخُفَّيْنِ.
وَأَمَّا إتْلَافُ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِالتَّحْرِيقِ وَالتَّخْرِيبِ وَقَطْعِ الْأَشْجَارِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِإِخْزَائِهِمْ وَإِرْغَامِهِمْ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5] ، وَمِثْلُهُ قَتْلُ