الْمُتَوَكِّلِينَ الْمُفَوِّضِينَ، وَسَمَاعُهُ سَمَاعَهُمْ، وَقَدْ يَنْتَقِلُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فِي السَّمَاعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَيَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ التَّذْكِيرِ، وَقَدْ يَغْلِبُ الْحَالُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِحَيْثُ لَا يُصْغِي إلَى مَا يَقُولُهُ الْمُنْشِدُ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ لِغَلَبَةِ حَالِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ.
وَمِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ: الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ. وَكِلَاهُمَا ذُلٌّ فِي الْقُلُوبِ وَالرِّضَا وَالصَّبْرُ وَالتَّوْبَةُ وَالزُّهْدُ فَأَمَّا الرِّضَا: فَهُوَ سُكُونُ النَّفْسِ إلَى سَابِقِ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَى الْقَاضِي بِمَا قَضَى، وَأَمَّا الصَّبْرُ فَهُوَ حَبْسُ النَّفْسِ عَنْ الْجَزَعِ، وَالرِّضَا جُزْءٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ سُكُونٌ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَرْضَى بِالْمَقْضِيِّ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَقْضِيُّ بِهِ خَيْرًا، فَإِنْ كَانَ الْمُقْضَى بِهِ مَعْصِيَةً فَلْيَرْضَ بِالْقَضَاءِ وَلْيَكْرَهْ الْمَقْضِيَّ بِهِ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ حُكْمُ اللَّهِ وَالْمَقْضِيَّ هُوَ الْمَحْكُومُ بِهِ. وَهَذَا كَالْمَرِيضِ إذَا وَصَفَ الطَّبِيبُ الدَّوَاءَ الْمُرَّ أَوْ قَطَعَ الْيَدَ الْمُتَآكِلَةَ فَإِنَّهُ يَرْضَى لِوَصْفِ الطَّبِيبِ وَقَضَائِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْمَقْضِيَّ بِهِ مِنْ مَرَارَةِ الدَّوَاءِ وَأَلَمِ الْقَطْعِ.
وَأَمَّا التَّوْبَةُ فَأَقْسَامٌ: أَحَدُهَا: التَّوْبَةُ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّوْبَةُ مِنْ ارْتِكَابِ الْمَكْرُوهَاتِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: التَّوْبَةُ مِنْ الشُّبُهَاتِ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: التَّوْبَةُ مِنْ مُلَابَسَةِ الْمُبَاحَاتِ إلَّا مَا تَدْعُو إلَيْهِ الضَّرُورَاتُ أَوْ تَمَسُّ إلَيْهِ الْحَاجَاتُ.
الْقِسْمُ الْخَامِسُ: التَّوْبَةُ مِنْ رُؤْيَةِ التَّوْبَةِ وَرُؤْيَةِ جَمِيعِ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى ذِي الْجَلَالِ وَمَعْنَى ذَلِكَ تَرْكُ الِاعْتِمَادِ وَالِاسْتِنَادِ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ