عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَعَارِفُ، فَتَسْتَمِرُّ بِهِ الْأَحْوَالُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا، وَهَذَا دَأْبُ الْأَوْلِيَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَنْقَطِعُ عَنْهُمْ هَذِهِ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ اسْتِحْضَارِهَا وَهَذَا حَالُ مِثْلِنَا وَأَمْثَالِنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقَعُ انْقِطَاعُهَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ وَهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي سُرْعَةِ الِانْقِطَاعِ وَبُطْئِهِ.
الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: مَنْ لَا تَحْضُرُهُ هَذِهِ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا إلَّا بِسَبَبٍ خَارِجٍ، وَلَهُمْ رُتَبٌ.
أَحَدُهَا: مَنْ تَحْضُرُهُ الْمَعَارِفُ وَأَحْوَالُهَا عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، وَهَؤُلَاءِ أَفْضَلُ أَهْلِ السَّمَاعِ.
الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ: مَنْ تَحْضُرُهُ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ عِنْدَ سَمَاعِ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ، وَهَؤُلَاءِ فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ.
الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: مَنْ تَحْضُرُهُ هَذِهِ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ عِنْدَ سَمَاعِ الْحِدَاءِ وَالنَّشِيدِ، وَهَذَا فِي الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ لِارْتِيَاحِ النُّفُوسِ وَالْتِذَاذِهَا بِسَمَاعِ الْمُتَّزِنِ مِنْ الْأَشْعَارِ وَالنَّشِيدِ، وَفِي هَذَا نَقْصٌ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهِ مِنْ حَظِّ النَّفْسِ.
الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ تَحْضُرُهُ هَذِهِ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَيْهَا عِنْدَ سَمَاعِ الْمُطْرِبَاتِ الْمُخْتَلَفِ فِي تَحْلِيلِهَا كَسَمَاعِ الدُّفِّ وَالشَّبَّابَاتِ، فَهَذَا إنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ فَهُوَ مُسِيءٌ بِسَمَاعِهِ مُحْسِنٌ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ إبَاحَتَهَا تَقْلِيدًا لِمَنْ قَالَ بِهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ تَارِكٌ لِلْوَرَعِ بِاسْتِمَاعِهَا مُحْسِنٌ بِمَا حَضَرَهُ مِنْ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا.
الرُّتْبَةُ الْخَامِسَةُ: مَنْ تَحْضُرُهُ هَذِهِ الْمَعَارِفُ وَالْأَحْوَالُ عِنْدَ سَمَاعِ الْمُطْرِبَاتِ الْمُحَرَّمَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَسَمَاعِ الْأَوْتَارِ وَالْمِزْمَارِ فَهَذَا مُرْتَكِبٌ لِمُحَرَّمٍ مُلْتَذُّ النَّفْسِ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنْ حَضَرَهُ مَعْرِفَةٌ وَحَالٌ تُنَاسِبُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ، كَانَ