وَدُونَ عَوَاقِلِهِمَا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَصَرَّفَا لِلْمُسْلِمِينَ صَارَ كَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُتْلِفُونَ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَكْثُرُ فِي حَقِّهِمَا فَيَتَضَرَّرَانِ بِهِ وَيَتَضَرَّرُ عَوَاقِلُهُمَا.
الصُّورَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ الْجَلَّادَ إذَا قَتَلَ بِالْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ مِنْ ضَمَانِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُلْجِئٍ إلَى الْإِتْلَافِ، وَمَنْ وَضَعَ يَدَهُ خَطَأً عَلَى مَالِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ إلَّا الْحُكَّامَ وَأُمَنَاءَ الْحُكَّامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِعُهْدَةِ مَا بَاعُوهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ شُرِطَ لَزَهِدَ النَّاسُ فِي الْبَيْعِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَنِيَابَةِ الْحُكْمِ.
الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: إهْدَارُ الضَّمَانِ مَعَ التَّسَبُّبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ تَارَةً بِالْمُبَاشَرَةِ، وَتَارَةً بِالتَّسَبُّبِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى التَّسَبُّبِ إلَيْهَا.
إحْدَاهَا: إرْسَالُ الْبَهَائِمِ لِلرَّعْيِ بِالنَّهَارِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ لِمَا فِي تَضَمُّنِهِ مِنْ الضَّرَرِ الْعَامِّ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا أَوْقَدَ فِي دَارِهِ نَارًا عَلَى الِاقْتِصَادِ الْمُعْتَادِ فَطَارَ مِنْهَا شَرَرٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا بِالْإِحْرَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا سَقَى بُسْتَانَه عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي مِثْلِهِ فَسَرَى إلَى جَارِهِ فَأَفْسَدَ لَهُ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا سَاقَ دَابَّتَهُ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْأَسْوَاقِ فَأَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَوْحَالِ وَالْإِيذَاءِ فَأَفْسَدَ ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ، إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي السُّوقِ.
وَلَوْ سَاقَ فِي الْأَسْوَاقِ إبِلًا غَيْرَ مَقْطُورَةٍ أَوْ رَكِبَ دَابَّةً نَزِقَةً لَا يُؤَثِّرُ